Monday, February 1, 2010

فلسفة الوقت

أنت من طلبت الاجابات .. ولم تجد سواي تسأله
فأقبل فلسفتي أو أرفضها
لكن قبل أن أعرضها عليك أنبئك بالأعراض ..ستسمم روحك وسيمقتها هدوءك
وستجد نفسك مابين جنة الجنون وجحيم الانتحار
.....
أنت أخترت
فلا تلمني
......
حين تفكر ياصديق مليا في "شادي" ...تدرك كم كان الوقت خادعا ... أضاع شادي وكأنه ذاب في الهواء ثم جعلنا نحتار ونتساءل هل يمكن أن يعود واذا عاد أفلا يجب أن ننتظره .. يالهذا الوقت كبلنا في مصيدة الفضول وشرك الانتظار
وللانتظار اشتهاء

وحين تفكر مليا في الوقت .. تدرك كم كان شادي بارعا .. أستطاع أن يقهر الوقت ثم كسر دائرة الاحتمالات لتصبح بلاحدود ,بلاملامح , بلا سمات الا ما قد زرعه فينا شادي من خيال

من أين "شادي " جاء والي أين ذهب وكيف كانت طريقة الانتهاء
لانعرف

فقط نعرف انه سيظل نضرا .. صغيرا .. كأعز الأشياء علينا وأحب الذكريات
فقط نعرف أننا ربما ننسي كل شئ لكن لن ننسي شادي
وسننطلق دوما في التفكير هل مات أم هل عاش ولو كان حيا فكيف هو وعلي أي حال
لن نعرف أيضا
لن نعرف أي شئ وعلي قصر تواجده في الحياه فقد صنع وجوده الذي لم يستطع الوقت أن يسيطر عليه كباقي الظانين انهم بطول تواجدهم في الحياه قد هزموه
متي يفهموا أن العمر نفسه ينطبق عليه مبادئ الفيزياء
الكيف وليس الكم

هؤلاء المساكين لايعرفون انهم فقط أعطوا الوقت فرصه أعظم ليسوي بذكراهم أرض المعركه ويساوي الاصدقاء بالأعداء

أفلت "شادي" مثل "الدره" من قبضة الوقت المستعبده... فلم الحزن ..ولم ارتداء مسوح سوداء كأشباح الليل نتباكي عليهم ونحن الأحق بالرثاء

أعلم ياصديق
هي فلسفه معقده
لكن باطنها فيه الرحمه وظاهرها هو العذاب

دعني أفسر ياصديق بعضا من خيوط الأحجيه قبل أن يدهمنا مالايرحم فنتفرق ولا نعلم متي يمكن أن نجتمع من جديد وغالبا لن يسمح لنا بالاجتماع

أولا ان أنت أمنت اننا في صراع
وأن هذا الوقت خلق معنا في بوتقه واحده متنافرة الهدف متجاذبة الوجود ستستطيع فهم الفلسفه

فهو خلق ليقتات علينا ونحن نصنع أساطيرنا من محاولات البقاء حتي بعد انتهاء العمر الافتراضي الأرضي
وهنا مربط الفرس وحل المعضله
نحن وهو ضدان , عدوان في معركه
نحاول الحفر ويسعي للردم
نقاوم التقادم طالبين بعض التمهل ربما نحقق شئ وهو يدفعنا بسرعه جنونيه حتي ينفذ منا الوقود

ومن هنا تنبع الأسئله وعلي قدر براعة السؤال ربما نكون أقدر علي ادارة المعركه

وأول الأسئله في الكتاب القديم

أين نحن من الوقت
بل ماذا نساوي في معادلة الوقت السرمديه

أرد عليك أسفه نحن اللعبه والملهاه وهدف وجوده ووجبة الغذاء والتسليه

كيف كان سيستمتع الوقت بدون ذرات ذواتنا الدقيقه المحبوسه بين عقارب الساعات , متدليه من أبراجها الضبابيه , مشبوحه علي سواريها السوداء

نحن معه الأضداد وبالضد يظهر المعني وتشتد المنافسه ويكون هناك ثمن للعناء
الوقت يعد نفسه نهر الوجود ومانحن الا شوائب بسيطه تعكر صفو روافده الواثقه الغنيه
الوقت هو صاحب الكلمه الأولي والأخيره في كل المعارك الطفوليه وأهازيج النصر والخساره وادعاءات البطوله الوهميه

تتدبر الكلام ..تغلق عينيك في تركيز
الا اني لا أمهلك فيجب ياصديق أن تسألني عن الوقت و ماهيته فهذا سؤال جوهري منذ العهود الباليه

ولاتتحجج بالحجه القديمه "وهل عرف الانسان نفسه ليعرف الوقت "
فما نحن ياصديق الا الشراب المختمر المبذول من ثمرته

فهيا أجبني ماذا نحن بدون الوقت .. هو يصنع ذكرنا ثم يمحيه حين يشاء فلايبقي منا الا شواهد قبور مع مرور الوقت المتعجل ستتحلل أخشابها فلايعرفنا أحد وتتطاير بقايا الشمعه في الهواء

الوقت ياصديق يكسر اجنحة العصافير .. يخطو فوق أجسادنا الفتيه ..مسلطا سيفه المشرع فلا تملك رقابنا الا الانحناء ..وتتيه السفن في بحاره البعيده بعد ذوبان خيوط الأشرعه
وتمل الرياح مناداة أجواء لا ترد فتصفر وحيده في الفضاء ..والشجر ينسي جيناته الخضراء
وتندفع الفراشات الأورانيه لانتحار جماعي فالوقت افترس فردوسها المنشود فلم يعد هناك أمل من لقاء


تتساءل وقد ظهرت حيرة قلبك في عينيك.. اذا كيف هو الوقت

غاضب .. غاضب ياصديق كأسطوره اغريقيه تغوي البطل بالمجد ليلقي حتفه فخورا منهكا مبتسما بكبرياء يتضح لاحقا انه محض غباء
فما هو المجد البشري مقابل وقت تخصص في محو سيرة البشر من الأساس
ماذا سنستفيد من صنع مجد لن نعيشه ..
فقط استطاع البعض التحايل عليه بهدف لم يقدر علي هدمه رافعا أمامه راية العجز المستسلمه
" هذا ياصديق مافعله الدره وسائر قوافل الشهداء"


تصمت في ألم وأنا أعلم سؤالك التالي قبل أن تقوله وبدون الحاجه الي قوله ..أعلم أنك تردد في قلبك الان ..اذا ماذا أفعل بل ماذا نفعل وأنت تشعر اني أغلقت أمامك كل أبواب الرجاء

فقد جاء في المزامير الأولي أننا لسنا جميعنا نحمل بذور الشهاده ولا صهرنا من سبيكة الشهداء

اذا كيف نعيش ونحن كالريشه الصغيره في مهب عاصفة هوجاء .. قوامها دقات هذي الساعه الكونيه مختلطه بدقات تلك المضخه في صدورنا فلانسمع لهدير الساعه ونكتفي بالتغزل في ذبذبات
قلب علي وشك التوقف والانتهاء

هل هذا ياصديق من باب السخريه أم من قبيل التلهي الجاد
أن نحمي داخلنا سلاح الفناء
بضع لترات من دماء تدور في عكس اتجاه عقارب الساعه بحركه ديناميكيه نظن أننا نتحكم فيها أو علي الأقل ندرك طريقها واشارات المرور وكل الوعورات

فاذا بها تلف سويعات مهما كثرت فهي قليله ثم يعلن الوقت باراده أعلي منه أن هذا يكفي فتتخبط الدماء في بيوتها ويضيق القلب بمافيه ثم ينتهي كل شئ كما بدأ بأحمال من الحزن وحاويات من الدموع

ثم يضيق الوقت بهذه المسرحيه فهو يراها طويله وممله شاهدها ملايين المرات فيرسل الينا رسوله الأمين "النسيان" فنخرج في جماعات تاركين سرادقات العزاء لايبقي منها الا أخاديد الملح علي خدود جافه وسرعان مانتساءل في دهشه لمن ذرفت هذه الدموع الملحيه
ويعد هذا في حينها بعد انتهاء عاصفة الشجن المؤقته سؤالا صعبا يحار كثيرا بلاجواب

وبحزن ثائر بعد جهد جهيد تستنطق لسانك الذي ينوء بما عليه من أسئله لتهوي علي بما كنت أخشاه منذ بداية هذه المقابله
ولماذا الخضوع لسطوته مادام بهذا التجبر وهل حاول البعض التمرد أيا كانت النتائج والعقبات؟

ياالهي ..منذ خلقت البشريه والمجانين المنبوذين فقط أرقهم هذا السؤال
ياصديق

كم أنا مشفقة عليك

فمازلت لم تفهم الفلسفه .. كيف تتمرد ياصديق عليه وأنت تسترضيه كل لحظه كي يعطيك اشارة مرورك في الحياه وتتوسل اليه أن ينعم عليك ببطاقة تعريف انسانيه

كيف تتمرد وأنت تستعطفه أن يحفظ اسمك بعد تلاشيك ولو لبرهه قصيره تشعر بها أن كل ماحاربت من أجله لم يكن هباء

الوقت المدمج ليكون أزمانا لاحصر لها تعقد كخيط بلانهايه ليرتدي الكون عقد الدهر اللؤلؤي

وماحبات لؤلؤ الدهر اللامعه هذه الا دمائنا المسفوحه بمقصلة الوقت البتراء

فمن ياصديق سيذكر خطواتك الصغيره علي رمال الأعوام وكلماتك المتأكله كعمرك المنقضي ومحاولات المشي الخرقاء
اذا أمر الوقت بسحق كل هذا فلن تجد من ينصرك أو حتي يجيب تساؤلاتك المتمرده وربما تنساها أنت برغمك أو برضاك

كيف تظن انك ستنتصر وأنت تعلم أن كل المعارك معه نهايتها واحده وليس لك فقط الا محاولات الكفاح لتنال ميتة الشرفاء

فهذه خلاصة فلسفة الوقت.. يريك الطرق المثلي للموت وعليك أنت يقع عبأ الاختيار


فأنت ياصديق لست سوي عارض بسيط في طاحونة الوقت العموديه تدور معه أني دار وحين يغضب عليك وحتما سيغضب عليك تنزلق بلاوعي تحت المطحنه لتكون عملية هضم سريعه لن تشعر فيها بألم الفقد لأنك لم تزعجه بوجودك
أما ان حاولت ايقاف الطاحونه لتحفر اسمك وحلمك وهدفك ومبدأك علي أخشابها فلاتلم الا نفسك حين لن تطيق الألم وحين يعجز صراخك عن ترجمة ماأنت فيه فتجد نفسك تستعين بالصمت ..فقط الصمت

وقبل أن تطلب مني رأيا قاطعا لتحسم أمرك ..اليك مجمل فلسفتي .. من حديث الحكمه الأولي ..وعن تجربه شخصيه ..لا تستهن أبدا برنين الصمت فربما تسرق من الوقت في صمتك هذا لحظة انتباه جبريه .. ومثل ألمك يتألم هو حين يخلد اسمك في جسده فلايخرج الا حين يقدم كتابك علي رؤوس الاشهاد